كسوة الكعبة المشرفة تحفة فنية.. بتكلفة 25 مليون ريال سعودى
رداء من الحرير الأسود الطبيعي الخالص، مُطرز بخيوط من الذهب والفضة من أفضل الخامات في العالم منقوش عليه آيات من القرآن الكريم وتسبيحات ، ليكسو جدران البيت العتيق، الذي تتوق إليه أفئدة نحو ملياري مسلم حول العالم.. إنها كسوة الكعبة المشرفة هذه التحفة الفنية التي يقوم مجمع الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة بنسجها بتكلفة تصل إلى 25 مليون ريال سعودي (نحو 6.6 مليون دولار) يقدمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من ماله الخاص.
وخلال جولة ميدانية في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة بمشاركة وكالة أنباء الشرق الأوسط وعدد من وسائل الإعلام المحلية والعربية والإسلامية، اليوم الخميس أرجع القائمون على المجمع ارتفاع تكلفة كسوة الكعبة إلى احتوائها على أسلاك من الذهب والفضة المستوردة من ألمانيا كأفضل أنواع الذهب والفضة في العالم وأيضا الحرير الخالص وهو أنقى أنواع الحرير في العالم ويتم استيراده من إيطاليا.
وأوضحوا أن مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة يضم قرابة 165 صانعاً من أجود وأكفا الصناع في العالم من إجمالي عدد العاملين في المجمع البالغ 222 شخصا ما بين مهندس وفني وصانع وإداري.
وأشاروا إلى أن عملية تصنيع وتجهيز كسوة الكعبة المشرفة تستغرق ما بين 8 إلى 10 شهور لتكون جاهزة للاستخدام مرة واحدة كل عام حيث تبقى قرابة عام كامل ولا تتغير ويعود الفضل إلى الله عز وجل ثم إلى جودة المواد المستخدمة في صناعتها.
وبدأت رحلة عناية المملكة العربية السعودية بكسوة الكعبة المشرفة منذ عام (1346) هـ، عندما شرعت منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود أبواب الصناعة لكسوة الكعبة عبر دار خاصة بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، حيث صنعت أول حلة سعودية من مكة.
ومن بعد المؤسس الملك عبدالعزيز- رحمه الله-، واصل أبناؤه الاهتمام في العناية بصناعة الكسوة وتطويرها حتى وقتنا الحالي باذلين الغالي والنفيس من أجل أن تظهر في أكمل وأجمل حلة.
وتطرز كسوة الكعبة التي تزن (850) كيلوجراماً، ومقسمة على (47) قطعة قماش بعرض (98) سم، وارتفاع (14)، بخيوط من الذهب والفضة، ويصل عدد قطع المذهبات إلى (54) قطعة على الكعبة، في قسم متخصص باسم “تطريز المذهبات” بالمجمع، باستخدام (120) كيلو جراما من المذهبات، و(100) كيلو جرام من الفضة المطلية بماء الذهب، و (760) كيلو جراما من الحرير.
ويتم توصيل كل هذه الخامات ببعضها البعض داخل مكان صناعتها، بمجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة التابع للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والواقع في مكة المكرمة والذي يعد من أكبر مجمعات تصنيع الحرير وتطريزه ونحته .
وتمر مراحلُ كسوة الكعبة المشرفة بمجموعة من الأقسام الفنية والتشغيلية، وتبدأ بمرحلة الصباغة وهي أولى مراحل إنتاج الكسوة بالمصنع حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم المقاوم للاحتكاك والظروف المناخية المتغيرة، ثم النسيج الآلي الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية والمنسوخة، ثم قسم المختبر الذي يقوم بإجراء الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية؛ من أجل التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية، إضافةً إلى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك.
وتأتي بعدها مرحلة الطباعة التي يتكون منها قسم الحزام والتطريز وقسم خياطة الكسوة، ثم وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة وعند الانتهاء من جميع مراحل الإنتاج والتصنيع، تسلم الكسوة في حفل سنوي إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، الذي يقوم بدوره بتسليمها إلى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
ويتم تركيب الكسوة الجديدة، والمكونة من أربعة جوانب مفرقة وستارة الباب، حيث يرفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حده إلى أعلى الكعبة المشرفة.
وتأتي آخر قطعة يتم تركيبها وهي “ستارة باب الكعبة” من أصعب مراحل عملية تغيير الكسوة، وبعد الانتهاء منها يرفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، وبارتفاع نحو ثلاثة أمتار من (القاعدة الرخامية للكعبة) المعروفة بعملية “إحرام الكعبة”.